responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 21
فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي الدِّينِ أَصْلًا لِرُجْحَانِ كَذِبِهِ عَلَى صِدْقِهِ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْفَاسِقِ إذَا أَخْبَرَ بِحِلٍّ أَوْ حُرْمَةٍ أَنَّ السَّامِعَ يُحَكِّمُ رَأْيَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ خَاصٌّ لَا يَسْتَقِيمُ طَلَبُهُ وَتَلَقِّيهِ مِنْ جِهَةِ الْعُدُولِ فَوَجَبَ التَّحَرِّي فِي خَبَرِهِ فَأَمَّا هُنَا فَلَا ضَرُورَةَ فِي الْمَصِيرِ إلَى رِوَايَتِهِ وَفِي الْعُدُولِ كَثْرَةٌ وَبِهِمْ غُنْيَةً إلَّا أَنَّ الضَّرُورَةَ فِي حِلِّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ غَيْرُ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْأَصْلِ مُمْكِنٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ فِي الْأَصْلِ فَلَمْ يُجْعَلْ الْفِسْقُ هَدَرًا بِخِلَافِ خَبَرِ الْفَاسِقِ فِي الْهَدَايَا وَجْهٌ وَالْوَكَالَاتُ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ ثَمَّةَ لَازِمَةٌ وَفِيهِ آخَرُ نَذْكُرُهُ فِي بَابِ مَحَلِّ الْخَبَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَدْلِ وَالْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ إذَا عَقَلَا مَا يَقُولَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا لَا يُعْتَمَدُ شَهَادَتُهُ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَدَالَتُهُ وَهَذَا لِحَدِيثِ عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُحَدِّثُوا عَمَّنْ لَا تَعْمَلُونَ بِشَهَادَتِهِ» وَلِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ مَعْنَى الْإِلْزَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُعْتَمَدَ فِيهِ دَلِيلٌ مُلْزِمٌ، وَهُوَ الْعَدَالَةُ الَّتِي تَظْهَرُ بِالتَّفَحُّصِ عَنْ أَحْوَالِ الرَّاوِي وَلَا اعْتِبَارَ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَإِنْ بَيَّنَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ» الِاكْتِفَاءُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَفْشُو الْكَذِبُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا رِوَايَةُ الْعَبْدِ؛ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ قَبُولِ رِوَايَةِ مَنْ كَانَتْ لَهُ شَهَادَةٌ ثُمَّ لَا تُقْبَلُ كَالْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ لَا شَهَادَةَ لَهُ أَصْلًا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ.

[خَبَرُ الْفَاسِقِ]
قَوْلُهُ (فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي الدِّينِ أَصْلًا) زَعَمَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْفَاسِقِ يَجِبُ تَحْكِيمُ الرَّأْيِ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِ السَّامِعِ أَنَّهُ صَادِقٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ اسْتِدْلَالًا بِمَا إذَا أَخْبَرَ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ أَوْ طَهَارَتِهِ أَوْ بِحِلِّ الطَّعَامِ وَحُرْمَتِهِ؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَحْكِيمُ الرَّأْيِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ أَمْرٌ دِينِيٌّ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا فَرَدَّ الشَّيْخُ ذَلِكَ، وَقَالَ خَبَرُهُ فِي الدِّينِ أَيْ نَقْلُهُ لِلْحَدِيثِ غَيْرُ مَقْبُولٍ أَصْلًا سَوَاءٌ وَقَعَ فِي قَلْبِ السَّامِعِ صِدْقُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا يَصِيرُ حُجَّةً بِتَرَجُّحِ الصِّدْقِ فِيهِ وَبِالْفِسْقِ يَزُولُ تَرَجُّحُهُ بَلْ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ الْكَذِبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْهُ الْعَقْلُ وَالدِّينُ عَنْ ارْتِكَابِ مَحْظُورِ الدِّينِ لَا يَمْنَعَانِهِ عَنْ الْكَذِبِ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ خَبَرُهُ حُجَّةً بِخِلَافِ أَخْبَارِهِ عَنْ حُرْمَةِ طَعَامٍ أَوْ حِلِّهِ أَوْ نَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ طَهَارَتِهِ حَيْثُ يُقْبَلُ إذَا تَأَيَّدَ بِأَكْبَرِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ الْحُرْمَةُ وَالْحِلُّ وَالنَّجَاسَةُ وَالطَّهَارَةُ أَمْرٌ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى رِوَايَةِ الْحَدِيثِ رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ لَهُ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ فَتُقْبَلُ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ التَّحَرِّي أَيْ تَحْكِيمُ الرَّأْيِ لِلضَّرُورَةِ.
فَأَمَّا هَاهُنَا أَيْ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي الْمَصِيرِ إلَى قَبُولِ رِوَايَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْعُدُولِ الَّذِينَ تَلْقَوْا نَقْلَ الْأَخْبَارِ كَثْرَةَ تَمَكُّنِ الْوُقُوفِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُمْ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاعْتِمَادِ عَلَى خَبَرِ الْفَاسِقِ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ بَعْدَ بَيَانِ مَسْأَلَةِ إخْبَارِ الْفَاسِقِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ ثُمَّ بَيَّنَ أَيْ مُحَمَّدٌ فِي الْفَاسِقِ وَالْمَسْتُورِ أَنَّهُ يُحَكَّمُ رَأْيُهُ فَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَكْبَرَ الرَّأْيِ فِيمَا بُنِيَ عَلَى الِاحْتِيَاطِ كَالْيَقِينِ، وَإِنْ أَرَاقَهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ كَانَ أَحْوَطَ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ كَاذِبٌ تَوَضَّأَ بِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ.
(فَإِنْ قِيلَ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَيَمَّمَ احْتِيَاطًا لِمَعْنَى التَّعَارُضِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ كَمَا فِي سُؤْرِ الْحِمَارِ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّوَضُّؤِ وَالتَّيَمُّمِ احْتِيَاطًا لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فِي سُؤْرِ الْحِمَارِ قُلْنَا حُكْمُ التَّوَقُّفِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ مَعْلُومٌ بِالنَّصِّ وَفِي الْأَمْرِ بِالتَّيَمُّمِ هَاهُنَا عَمَلٌ بِخَبَرِهِ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَ بِخِلَافِ النَّصِّ، وَإِذَا ثَبَتَ التَّوَقُّفُ فِي خَبَرِهِ بَقِيَ أَصْلُ الطَّهَارَةِ لِلْمَاءِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ضَمِّ التَّيَمُّمِ إلَيْهِ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ وَرَدَ مَاءَ حِيَاضٍ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ عَمْرٌو لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ أَخْبِرْنَا عَنْ السِّبَاعِ أَتَرِدُ مَاءَكُمْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُخْبِرْنَا عَنْ شَيْءٍ فَلَوْلَا أَنَّ خَبَرَهُ عُدَّ خَيْرًا مَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِالسُّؤَالِ قَصَدَ الْأَخْذَ بِالِاحْتِيَاطِ، وَقَدْ كَرِهَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِوُجُودِ دَلِيلِ الطَّهَارَةِ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مَا بَقِيَ هَذَا الدَّلِيلُ لَا حَاجَةَ إلَى احْتِيَاطٍ آخَرَ، ثُمَّ فَرَّقَ الشَّيْخُ بَيْنَ قَبُولِ خَبَرِهِ فِي حُرْمَةِ الطَّعَامِ وَنَجَاسَةِ الْمَاءِ وَبَيْنَ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست